المشاركات

عرض المشاركات من مارس, 2015

الطفلة العجوز

صورة
ويظل في مخيلتي .. بيت عجوز وحيدة بحينا .. نتسابق كي نطرق نافذتها ونصرخ: يا ساحرة ... ونهرب كي نختبأ وراء الاشجار.. ثم ننتظر صوتها الحاد الذي يعبر الجدران ويوقظ جميع الجيران .. ببراءتنا لم نكن نعلم ما معنى الساحرة.. فقط لأننا سمعنا امهاتنا ينعتونها بذلك الاسم. كنا نفعل ذلك باستمرار ثم ننفجر بالضحك ونحس كأننا انجزنا عملا عظيما وبطوليا يكفي لان يشعل حماستنا طول اليوم فلا ننام الى وثغرنا مبتسم. جاء يوم أردنا ان نكرر نفس اللعبة. طرقنا النافذة وصرخنا: يا ساحرة... واختبأنا .. انتظرنا طويلا هذه المرة كي تصيح كعادتها .. لكن الصمت فجر فضولنا الطفولي, وتركنا حارين امام هذا السكون الذي عبر اوصالي فشتتها. حتى الجيران لم يستوعبوا عدم صراخها فظنوا انها سافرت. لكن بعد مرور أيام انبعثت رائحة كريهة من نافذتها التي نطرقها كل يوم. اتصل احد سكان الحي بالشرطة. فإذا بنا نكتشف أنها كانت ميتة. توفيت وحيدة. كأنها لم تصرخ يوما. كأنها لم تكن يوما. سقطت على الارض فور رؤيتي لهم يخرجونها من البيت. احسست بأنهم يأخذونها بعيدا عني. بكيت بحرقة وصرخت يا ساحرة .. لمن تركتني ورحلت, هل تعلمين كم انتظرتك, كم عدد طرقي لنافذة ...